الجمعة، 5 أبريل 2013






حديث ويل للعرب من شر قد اقترب


زينب بنت جحش أم المؤمنين -رضي الله عنها- تذكر أنه -عليه الصلاة والسلام- دخل عليها، أو خرج ودخل عليها، وفي بعض الروايات أنه استيقظ محمر الوجه وهو يبدو عليه التأثر ويقول: « لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب »2 ويل، هذا تعبير عن الخطر المتوقع، ويل للعرب من شر قد اقترب، لعله أُوحي إليه أو رأى في منامه ما يدل على هذا، وفسر بقوله: « فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بين إصبعيه السبابة والتي تليها »3 يعني الإبهام، فُتح: يعني الشيء اليسير، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج، وفُسر هذا الردم بالسد الذي أقامه ذو القرنين كما جاء القرآن، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، ووصفه بالفعل.
والاقتراب وقُرب الشيء أمر نسبي لا يمكن في مثل هذه الأمور، لا يمكن أن يقدر بمجرد العقل، فلا ندري عن مقدار هذا الاقتراب، وعن موعد هذا الشر، موعد وقوع هذا الشر، وقد جاءت الأحاديث كما سيأتي الأحاديث الصحيحة في خروج يأجوج ومأجوج وأنهم سيخرجون في آخر الزمان بعد نزول المسيح، وأن المسيح والمؤمنين يعتصمون منهم بالطور، وأنهم يفسدون في الأرض، ثم يهلكهم الله -سبحانه وتعالى- ﴿ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ﴾4فقالت أم المؤمنين -رضي الله عنها- لما رأت من الرسول ما رأت وسمعت منه ما قال: « أنهلك وفينا الصالحون؟ »7 وإن كان الصالحون موجودين بيننا قال: « نعم إذا كثر الخبث »8 والمراد بالخبث الخبث المعنوي، الكفر والمعاصي والذنوب هي الخبث.
إذا كثر الخبث، أنواع الفجور، الزنا، وشرب الخمور، وأكل الربا، وما سوى ذلك من أنواع الشرور المعنوية العملية، الشرور العملية، إذا كثر الخبث، وهذا يشهد بأن الصالحين يهلكون مع من يهلك، ويعم الأمر، تنزل العقوبات عامة، فإن كان هؤلاء الصالحون قد اتقوا الله وقاموا بما يجب عليهم من الإنكار أو كانوا عاجزين، أما من كان قادرا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يقم به فلا يصدق عليه اسم الصلاح، لأنه عاص من جملة العصاة.
لكن الصالحون إما أن يكونوا قائمين بما يقدرون عليه من الأمر بالمعروف ومقاومة الخبث، وإما أن يكونوا عاجزين، إما أن يكونوا قائمين بما يجب عليهم ولكن لم يستجب لهم، أو يكونوا عاجزين، فتنزل العقوبات عامة، فيهلك الصالح والطالح، ويبعث الناس على نياتهم كما ورد في مثل هذا المعنى في الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف بأولهم وآخرهم وفيهم من ليس منهم، فلما سئل الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: « يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم »9 فقد تأتي العقوبة عامة ويهلك فيها ما شاء الله من الصالحين، ويكون فيها تمحيص لهم ورفع لدرجاتهم.
أرأيتم ما وقع في غزوة أحد؟ هل كانت بمعصية جميعهم؟ هل كل من أصيب يعني كان عاصيا؟ لا، أصيب الكثير من المسلمين، لكن كان السبب معصية البعض، فحصل الابتلاء، وحصلت الحكم التي أرادها الله سبحانه وتعالى ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾10 ونكتفي اليوم بهذا القدر، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه.
أحسن الله إليك، وهذا سائل يقول: لماذا خص النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ويل للعرب دون غيرهم من المسلمين؟
لا إله إلا الله، ذكر أهل الشرح راجع الفتح في هذا قالوا: لأن معظم المسلمين في ذلك اليوم كانوا العرب، فجاء التخويف يعني أضيف الخوف إليهم، الخوف عليهم، لأن معظم المسلمين في حياة الرسول وبعد حياة الرسول إلى أن فتحت الفتوح في سائر الأقطار كان معظم المسلمين من العرب، نعم هذا هو ما قاله بعض الشراح، والله أعلم.
أحسن الله إليكم، يقول: فضيلة الشيخ في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- « ما من زمان إلا والذي بعده شر منه »11
هذا سيأتي.نعم
أحسن الله إليك، هذان سؤالان حول موضوع التفجيرات وما مر بالمسلمين فيقول: هل هذا من الفتن؟ وما نصيحتكم للشباب، وجزاكم الله خيرا؟
نعم، هذه التفجيرات من الفتن، ولهذا ماذا حصل بسببها؟ حصل الهرج والمرج، والقيل والقال، والاضطراب في الكلام، وفي الأحكام، وفي الأقوال، وفي التصرفات، هي فتن، يعني من الناس من يقول: هذا من الجهاد في سبيل الله، ومنهم من يقول: إن هؤلاء مجرمون، وربما أفضى ببعض الناس إلى الغلو إلى أن يكفرهم أو يقنطهم من رحمة الله، هي نعم من الفتن، والله المستعان، وهذا أمر بيّن.
أحسن الله إليكم، وأثابكم ونفعنا بعلمكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
بارك الله فيكم، وفق الله الجميع.